مدرسة زينب بنت العوام الثانوية للبنات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدرسة زينب بنت العوام الثانوية للبنات

منتديات زينب بنت العوام
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 ليله اختفى القمر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عايشه حيلوز
عضو جديد
عضو جديد
عايشه حيلوز


عدد المساهمات : 10
تاريخ التسجيل : 02/03/2010
العمر : 30

ليله اختفى القمر Empty
مُساهمةموضوع: ليله اختفى القمر   ليله اختفى القمر I_icon_minitimeالإثنين مارس 15, 2010 12:31 am

قرية صغيرة ، سكانها بسطاء ، بل أقل من البسطاء وزينتها الأطفال الذين لا يفارقون شوارعها المغبرة وقودهم الفرحة ، والأمل الذي يكاد يظهر في عيونهم البريئة ، أمل في مستقبل أفضل ، في حياة أفضل ، أمل لم تتح له الفرصة بعد أن يظهر ، فيظلون يحلمون به ، كهولها من السكان يطمحون لأخذ قسطٍ من الراحة قبل أن يحين موعدهم للقاء ربهم ، راحة من تلك الحياة التي عاشوها بحلوها ومرها ، بل مرها أكبر ، تركوا فلذات أكبادهم ليكملوا خلفهم الطريق ثم استسلموا للحياة التي تركت على محياهم معالمها ، فترى عمراَ كاملاَ من لحظات الفرح والحزن والأسى في عينيهم ينتظر أن يخرج من تلك النفس التي ذاقت ما ذاقت .

لم يكن في تلك القرية من الشباب إلا القليل فكلهم سافروا بعيداَ عن بساطة قريتهم إلى عالمٍ يكادُ فيه التطور أن يمحو التراث الجميل وتكاد فيه الآلة أن تحل محلَ صانعها ، ذهبوا إلى هناك لينهلوا من الدنيا ما شاء الله لهم ، ليضمنوا مستقبلهم ومستقبل من بعدهم ، في محاولة للتأثير ولو بشكل بسيط على العالم وأن يتركوا بصمتهم فيه ويحفروا أثرهم .

ولدْتُ في تلك القرية ، دون أن أعي أين أنا ومن أكون وما العالم من حولي !! وتربيت فيها وعشتُ طفولتي بين زواياها وأزقتها وعشتُ سنون طفولتي فيها بفرحة ، لكن لم تكتمل تلك الفرحة ، عشتُ حتى قدم ذاك اليوم المشؤوم يوم تحطمت أحلامي .

أفقت على صوت أقوى من الرعد ولم استطع أن أميز مصدره أو ماهيته ، كان ذلك الصوت أقوى من أي صوتٍ سمعته في حياتي ، قمت مذعوراً من فراشي ولم أكن أبلغ من العمر آن ذاك أحد عشر ربيعاً ، تجمد الدم في عروقي حين تكرر ذلك الصوت ، لكنه كان أقوى وأشدُ رعباً من ذي قبل ، صرخت: أمي! أمي ! أبي ! لكن ما من مجيب ، لم أستطع سماعَ أي صوت غير صوت صراخ الناس في الخارج ، خرجت من غرفتي وإذا ببيتي تلتهمه النيران ، نظرت للأعلى فرأيت سواد الليل الحالك من سقف المنزل الذي لم يعد سقفاً ورأيت خيطاً من أشعة القمر التي غطاها الدخان ، ماذا يحدث ؟!

تجاوزت ركام منزلي المحترق ، دست على ذكريات حياتي حتى أنجو بها ، وصلت إلى مخرج المنزل ، فما خرجت إلا وذلك الصوت المزلزل يتكرر ، لكن هذه المرة عرفت مصدره ، رأيت منزل جارنا وقد تحول إلى كتلة هائلة من النار ، كانت أشلاء المنزل تتطاير في الهواء ثم تنزل كالمطر ، ولكن أي مطر !!! ، لقد أحببت جارنا ، فقد كان ينتظرنا كل صباح ليعطيني وأصدقائي بعضاً من الحلوى أين هو الآن ؟
تذكرت أمي وأبي اللذان لم أبحث عنهما في المنزل من عجلتي في الخروج ، نظرت خلفي لأجد منزلي المحترق ، لم يكن بوسعي الدخول فقد كان المنزل قد تحول الى كتلة من رمادٍ محترق مجبولٍ بذكريات الماضي وأحلام لم تتحقق .

نظرت إلى الشارع فوجدت حشوداً كبيرةً من الوجوه المغطاة بالرماد تحاول الهروب لكن إلى أين يهربون؟ وأثناء ذلك سمعت صوتاً يصرخ : إنهم قادمون ! نظرت حولي فلم أجدُ ما يزعم ، من هم ؟ نظرت إلى السماء مرة أخرى فوجدت طيوراً كبيرة ، لا ، إنها ليست بطيور إنها أشبه بصقور ضخمة ، أو بطير عقاب ، بدأت تلك الطيور بإطلاق كراتٍ لامعة لونها الجميل أبهجني ، أزال قليلاً من الرعبة من قلبي ولكن ذاك الإحساس لم يطُل ، سقطت تلك الكرات على الأرض فأطلقت زئيراً مدوياً ودمار ، كل كرةٍ تلمس الأرض كانت تكنُس كل ما حولها من أشجارٍ وبيوت ، وأشخاصٍ لم يروا مثل هذا اليوم من قبل.

بدأت أركض ، ركضت بالإتجاه الذي يركض به الناس ، حاولت أن أميز معالم سكان قريتي ، لكن كانت كل الوجوه متشابهة ، وجوه قد غطاها الرماد ، مصحوبةٌ بالهلع ، بقيتُ أركض وأركض وإذا بالناس يعودون أدراجهم ، ماذا يفعلون ؟ إن الطيور القاتلة خلفنا ! لم أفهم ما كان يحصل ، وبينما أنا في حيرةٍ من أمري وإذا بيدٍ تمسك بقميصي وترفعني وتضعني على كتف صاحبها ، ماذا يحدث؟ من أنت ؟ نظرت إلى وجهه فكان كالبقية ، أتراه أبي ؟ نظرت خلفي محاولاً معرفة سبب عودتهم فوجدت آلات غريبة الشكل مخيفة تطلق كراتٍ لامعة مثل تلك الطيور التي فوقي ، لكنها كانت أسرع ، تاركةً خلفها بقايا من إنسان وأشلاء من أحلام سكان مسالمين ، من هؤلاء ؟ لماذا يقتلوننا ؟ ماذا فعلنا لهم ؟

لم تكن إلا لحظات حتى اخترقت عروق حاملي شيء غريب ، جعله ينزف دماً من صدره ، انهار على الأرض وقد ترك صرخة ألم مما أصابه ، ووقعت على التراب ، نظرت آليه فقال لي : أذهب ، انج بحياتك !! لم أكن أعلم ماذا أفعل ، تجمدت في مكاني لوهلة ثم تحركت بخوفٍ على صوته الذي صرخ هذه المرة قائلاً : إذهب ! .

بدأت بالركض مرةً أخرى ، لم أجرؤ على النظر خلفي ، فقد كان شكل تلك الآلات مخيفاً جداً . تجاوزت عدة جثث ملقاةٍ على الأرض في محاولة للنجاة بحياتي ، كما قال ذاك الغريب الذي ساعدني .

مازالت الكرات اللامعة المخيفة تنهالُ علينا ، يصاحبها ، ذاك الصوت المرعب الذي يغطي على أصوات الجموع المرتعبة كلما دوى ، قدماي لم تعودا تحملاني من الخوف ، أين أبي ؟ أين أمي ؟ أين أهل القرية؟ ما تلك الطيور المخيفة وما تلك الآلات الحديدية الفخمة ؟ وماذا يريدون منا ؟ وأثناء تساؤلاتي تلك عبرت الجسر الخشبي الذي كان على حدود القرية وسمعت احدهم يقول قولاً عن بلادي لم أفهمه إلا الآن ، لم أفهم ما مغزى وسبب صراخه هذا إلا بعد عشرٍ من السنين .

لقد كان يقول : ضاعت فلسطين ... ضاعت فلسطين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ليله اختفى القمر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ليله اختفى القمر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدرسة زينب بنت العوام الثانوية للبنات :: القسم العام :: منتدى العام-
انتقل الى: